التحفيز الحكومي للإقتصاد.. ماذا عن قطاع الاتصالات ؟

كتب محرر الشؤون الإقتصادية :

استقبل الأردنيون عامهم الجديد بتفاؤل حَذِر، وأمنيات بأن يكون عاماً يحمل لهم الأخبار السارة والحلول للعديد من الأزمات والأعباء الاقتصادية المتراكمة، التي باتت تؤرق الجميع في ظل ما يعانيه الأردن من وضع اقتصادي مثقل بالديون وعجز في الموازنة، والعديد من العوامل الأخرى التي تضغط على الدولة والمواطن على حد سواء.

الحكومة خرجت علينا بمجموعة من الحُزم لتحفيز الاقتصاد الوطني، رأى فيها البعض بارقة أمل لغد أفضل وخطوة للأمام قد تكون بداية لانفراجة اقتصادية إذا ما تم البناء عليها ومتابعتها وإكمال المشوار بنفس الحماس، وشمول جميع القطاعات الهامة، ولعل ذلك كان أحد أسباب تفاؤل ما نسبته 56% من العيّنة الوطنية، بالاقتصاد الأردني في العامين المقبلين، بحسب نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مؤخراً، بمناسبة بمرور عام ونصف على تشكيل حكومة الدكتور عمر الرزاز.

لقد اطلعنا على الحزم التي أعلنت عنها الحكومة في أوقات سابقة لتحفيز الاقتصاد الوطني، وشملت هذه الحزم العديد من القطاعات كالصناعة والعقارات والإسكان والسياحة وغيرها، إلا أن اللافت في الأمر هو تجنب الحكومة الحديث عن أحد أبرز القطاعات الحيوية، والذي بات يحتل مساحة كبيرة جداً من حياتنا اليومية، ألا وهو: قطاع الاتصالات!

لم تعد الاتصالات اليوم شيئاً من الترف أو الكماليات، أو مجرد تكنولوجيا عابرة يملك المستخدمون خيار استخدامها أو تركها والاستغناء عنها، بل أضحت من الضروريات التي فرضت نفسها بقوة وأوجبت علينا استخدامها، حيث تعدّت حاجتنا للاتصالات مجرد إجراء مكالمة أو رسالة نصية قصيرة (SMS)، بل أصبحت حاجتنا ملحة لاتصال دائم بالإنترنت كي لا ننقطع عن العالم الرقمي الذي تدور كافة أعمالنا وحتى علاقاتنا الشخصية في فضائه اليوم، فالانقطاع عنه يعني انقطاعاً عن العمل والأهل والأصدقاء والحساب البنكي والخدمات الإلكترونية التي تقدمها مختلف الجهات الرسمية والخاصة، وغيرها الكثير، بالإضافة إلى دخول التطبيقات الحديثة لإنترنت الأشياء حتى أصبح يمكننا التحكم بمنازلنا والأجهزة التي تحتويها عن بعد.

وبقدر أهمية الاتصالات، تبرز مشكلتها والواقع المرير لهذا القطاع الذي كان دوماً ملجأً للحكومات المتعاقبة، تهرول إليه عند الحاجة لأي إيراد إضافي، لتتشكل علاقة طردية ما بين تزايد اعتماد المواطن على الاتصالات، وزيادة الضرائب المفروضة عليها، حتى وصلنا إلى النسبة الأعلى عالمياً في الضريبة المضافة على أسعار المكالمات الصوتية أو ما يسمى بالضريبة الخاصة على الاتصالات، والتي وصلت إلى 26%، يضاف عليها أيضاً 16% ضريبة مبيعات، وذلك بعد أن رفعت الحكومة هذه الضريبة في العام 2017 ورفعت في نفس الوقت ضريبة المبيعات على خدمات الإنترنت، وذلك بمضاعفتها لتصبح 16% بعد أن كانت 8%.

وبالطبع فالمواطن هو من يتحمل هذه الضرائب، ناهيك عن المشاكل التي تعانيها شركات الاتصال أنفسها، والتي انعكست على عوائدها الاستثمارية الآخذة في التقلص نتيجة القرارات الحكومية المستمرة والضاغطة على هذا القطاع، الأمر الذي قد يؤدي إلى عجز الشركات عن تحسين جودة خدماتها وعدم تطوير بنيتها التحتية، مما سينعكس سلباً على جودة الخدمة التي ينتظرها المواطن ويدفع ثمنها أضعافاً مضاعفة.

إذاً هي وقفة لنعيد الألق لقطاع الاتصالات، ودعوة للحكومة بأن تضعه على قائمة أولوياتها، متمنين أن يكون هنالك إجراءات جدية في قادم الأيام للتخفيف من العبء الضريبي الذي يعانيه المواطن، والذي يضاف إلى قائمة الأعباء الشهرية التي أثقلت كاهله، اذ ليس من المنطقي أن ندفع أضعافاً لأسعار خدمات الاتصالات،

فطوال عمرنا ونحن نقول:

“الحكي ما عليه جمرك”.. فمتى أصبح له ثمن، وثمن باهظ جداً يا حكومة؟؟!

Scroll to Top