تباين كبير ومؤثر في تقدير أسعار وعوائد صادرات النفط
بسبب هيكلية الاقتصاد العراقي المتميزة بالاعتماد على النفط فان العجز في عوائد صادرات النفط الخام يلعب دورا أساسيا ومؤثرا في تحديد الحجم الفعلي في العجز المالي. وان العجز الفعلي في عوائد صادرات النفط الخام يتحدد بعاملين أساسيين: حجم صادرات النفط ومعدل سعر تصدير النفط، مقارنة بالمخطط…
اظهرت مقارنة البيانات المتوفرة عن تقديرات أسعار وعوائد صادرات النفط خلال الأشهر الأربعة الاولى من هذا العام الى وجود تباين كبير ومؤثر في تلك التقديرات من جهة والى احتمالية عالية في ان يكون العجز المحتمل في موازنة 2024 أكثر من المخطط من جهة ثانية في حالة اعتماد بيانات وزارة المالية.
فاستنادا الى بيانات وزارة المالية، بلغ العجز في عوائد الصادرات النفطية لغاية نهاية شهر نيسان، مقارنة بما هو مخطط، حوالي 6.017 ترليون دينار. ولأجل تعويض هذا العجز يتحتم ان يكون معدل سعر تصدير أكثر من 90 دولار للبرميل ومعدل تصدير لا يقل عن 3.5 مليون برميل يوميا خلال الفترة من بداية شهر أيار الى نهاية هذا العام. فهل هذا ممكن؟! بالمقابل، تشير التقديرات المعتمدة على بيانات مصدرين اخرين الى عجز ضئيل جدا في عوائد صادرات النفط المتحققة خلال الأشهر الأربعة الأولى. فلماذا هذا التباين الكبير في التقديرات، وماذا سيترتب عليها، وايهما أقرب الى الحقيقة والواقع؟
ومن الجدير بالذكر والتأكيد انه على الرغم من إصرار وزارة النفط على سلوكها بانعدام الشفافية وذلك بحجب نشر بيانات اسعار تصدير النفط ومجمل عوائد التصدير منه، الا انه بالإمكان تقدير تلك الأسعار والعوائد من خلال البيانات الرسمية الحكومية ومن المصادر الاخرى.
تهدف هذه المساهمة الى عقد دراسة مقارنة لتقديرات اسعار تصدير النفط ومجمل عوائد التصدير خلال الأشهر الأربعة الاولى لهذا العام وما يترتب على تلك التقديرات من تأثير على حجم العجز او الفائض في عوائد صادرات النفط. تتضمن المقارنة ثلاث تقديرات مبنية على بيانات مصادر مختلفة وهي: تقديرات تستند على بيانات وزارة المالية وتقديرات تستند على بيانات تقرير نفط العراق وتقديرات مبنية على بيانات اسعار نفوط الإشارة.
لإعداد هذه الدراسة المقارنة تم اعتماد البيانات التالية والمستقاة من المصادر الرسمية العراقية وغير الرسمية التالية:
1- البيانات الشهرية التي اصدرتها وزارة المالية عن حسابات الدولة
2- بيانات شركة سومو لإجمالي كميات صادرات النفط الشهرية
3- قانون رقم 13 لسنة 2023 للموازنة الثلاثية للاعوام 2023-2025 على قدر تعلق الامر بكميات تصدير النفط وسعر صرف دولار/دينار.
4- كتاب وزارة المالية رقم (95083) بتاريخ 27 أيار 2024 المتضمن اعتماد سعر تصدير النفط 80 دولار للبرميل في تقدير حجم عوائد تصدير النفط خلال العام.
5- تقرير اللجنة المالية في مجلس النواب حول جداول الموازنة الاتحادية لعام 2024
6- التقارير الشهرية لشركة سومو عن أسعار نفوط الإشارة
7- تقرير نفط العراق (2 تموز 2024).
قبل البدء بعقد المقارنة أجد من الضروري والمهم التمييز بين “العجز المالي”، الذي يعني زيادة النفقات على الواردات كما ورد في قانون الموازنة/او الجداول الاساسية لعام 2024 في جانبيها المخطط (كما ورد في الجداول الاساسية) و/او المتحقق فعلا، و”العجز في عوائد صادرات النفط الخام”، والذي يعني ان تكون عوائد التصدير المخططة اكثر من عوائد التصدير المتحققة. وبسبب هيكلية الاقتصاد العراقي المتميزة بالاعتماد على النفط فان “العجز في عوائد صادرات النفط الخام” يلعب دورا أساسيا ومؤثرا في تحديد الحجم الفعلي في “العجز المالي”. وان العجز الفعلي في عوائد صادرات النفط الخام يتحدد بعاملين أساسيين: حجم صادرات النفط ومعدل سعر تصدير النفط، مقارنة بالمخطط في الموازنة السنوية.
تركز هذه المقارنة بشكل أساسي على تقدير وتحليل “العجز في عوائد صادرات النفط الخام” وليس على “العجز المالي”.
أرسل مجلس الوزراء (بموجب الكتاب رقم 23899 بتاريخ 20 أيار 2024) الى مجلس النواب الجداول الرئيسية للموازنة العامة الاتحادية لسنة 2024 ومرفقاتها المعدلة بقانون الموازنة. صوت مجلس النواب في 3 حزيران 2024 على جداول قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم (13) لسنة 2024 المعدلة ومرفقاته.
لغاية تاريخه لم تنشر تلك الجداول المصوت عليها من قبل مجلس النواب ولا التعديلات على قانون الموازنة لعام 2024 في جريدة الوقائع العراقية ولا في المواقع الالكترونية لمجلس النواب او لمجلس الوزراء او لوزارة المالية.
أولا: التقديرات المعتمدة على بيانات وزارة المالية
1- عوائد الصادرات النفطية بين المخطط والمتحقق
يوضح الجدول التالي التقديرات الشهرية للعوائد النفطية للأشهر الأربعة الأولى من هذا العام
جدول رقم (1)
تقديرات عوائد صادرات النفط لعام 2024
التقديرات أعلاه تشير الى ان مجموع العجز في تحقيق ما بنيت عليه الموازنة من عوائد تصدير النفط الخام قد بلغت خلال الأشهر الأربعة الاولى حوالي 6.017 ترليون دينار، في حين بنيت الموازنة على أساس ان سعر البرميل المعتمد، وهو 80 دولار، سيحقق عوائد إضافية قدرها 17 ترليون دينار، والتي بدورها ستغطي 26% من اجمالي “العجز المالي المخطط”. هذا يعني ان عدم تحقيق العوائد النفطية الإضافية سيعمق حتما حجم العجز المالي الفعلي. فما هو تفسير هذا الاخفاق في تحقيق معدلات عوائد تصدير النفط- الأسعار، ام كميات النفط المصدر ام كليهما؟ هذا ما سيوضح لاحقا.
2- معدلات أسعار وكميات النفط المصدر
تتحدد عوائد صادرات النفط بمتغيرين رئيسيين هما معدل سعر التصدير وكميات النفط المصدرة. ويتم تحديد قيم كلا المتغيرين في قانون الموازنة السنوية. وفي السنوات الأخيرة يتم كذلك تحديد سعر صرف دينار/دولار في نفس مادة تقديرات العوائد النفطية في قانون الموازنة. ففي المادة (1-أولا: ب) من قانون رقم 13 لسنة 2023 للموازنة الثلاثية للأعوام 2023-2025 تم تقدير الإيرادات النفطية على أساس معدل تصدير 3.5 مليون برميل يوميا (بضمنها 400 الف برميل يوميا من نفط الإقليم) وسعر 70 دولار للبرميل وسعر صرف 1300 دينار للدولار. وسبب ذكر سعر الصرف في هذه المادة من القانون يعود الى كون العوائد تحتسب بالدينار بينما اسعار تصدير النفط تكون بالدولار. وبما ان أسعار الصرف تتحد رسميا (أي قرار سيادي) فان اسعار تصدير النفط تتحدد في ضوء مؤشرات سوق النفط الدولية والمؤثرات الجيوسياسية والظرفية عليها. ومن الجدير بالذكر وجود سوقيين لأسعار صرف الدينار وهما السعر الرسمي (المذكور في قانون الموازنة اعلاه) وسعر السوق (الموازي او الاسود) الذي تشير البيانات الى انه تجاوز1450 دينار للدولار في غالب الأحيان ويتباين أيضا بين مكان واخر. ولأغراض هذه المقارنة تم اعتماد سعر الصرف الرسمي وتعديلاته.
جدول رقم (2)
معدل أسعار وكميات صادرات النفط الخام المخططة والمتحققة
يوضح الجدول أعلاه عدم تحقق ما توقعته موازنة عام 2024 في كل من أسعار التصدير وحجم الصادرات، ولأسباب عديدة متباين.
فيما يتعلق بحجم الصادرات النفطية فان جميعها، باستثناء كميات قليلة جدا صُدرت الى الأردن (1.8 مليون برميل حسب بيانات سومو)، قد صُدرت من الموانئ الجنوبية، وتأثرت بتوقف تصدير نفط شركة نفط الشمال من كركوك الى ميناء جيهان، منذ قرار التحكيم لغرفة التجارة الدولية في باريس- آذار 2023، وعدم التزام حكومة الإقليم بتسليم النفط حسب ما ورد في قانون الموازنة.
ومن الجدير بالذكر في هذا المجال تمكن موانئ التصدير الجنوبية من تصدير، لأول مرة، 3.534 مليون برميل يوميا في شهر تشرين اول/أكتوبر 2023، ولكن أثيرت شكوك جدية عن مدى إمكانية ادامة هذه الطاقة التصديرية بسبب ما تعانيه منظومة التصدير من اختناقات ومعضلات تقنية ولوجستية لم تتم معالجتها بشكل جدي من قبل الحكومات المتعاقبة.
كما لا توجد مؤشرات يعتد بها عن إمكانية استئناف تصدير النفط من خلال أنبوب كركوك- جيهان خلال ما تبقى من هذا العام، وكذلك ضعف افاق التوصل الى حل مع حكومة الإقليم بشأن القضايا النفطية في موازنة العام الحالي.
في ضوء ما ذكر أعلاه وعلى الرغم من انخفاض معدل الانحراف (2.79%) فمن المتوقع عدم تحقق هدف تصدير 3.5 مليون برميل يوميا الذي اعتمدته موازنة عام 2024.
فيما يتعلق بالمتغير المهم الاخر، أي سعر تصدير النفط، فان تأثيره على حجم العجز في عوائد التصدير اكثر من تأثير كمية النفط المصدر، من جهة وانها اكثر تأثرا بالعوامل الخارجية وبالتالي اكثر تذبذبا من جهة ثانية.
يشير تقرير اللجنة المالية في مجلس النواب الى زيادة سعر تصدير برميل النفط من 70 دولار في موازنة 2023 الى 80 دولار في موازنة 2024، وتقود هذه الزيادة في سعر النفط الى زيادة في عوائد تصدي النفط بواقع 17 ترليون دولار.
يبدو ان اعتماد سعر 80 دولار للبرميل في تقدير موازنة عام 2024 لم يكن موفقا ولم يكن متحفظا كالمعتاد ولم ينتبه متخذ القرار الى بداية اتجاه انخفاض أسعار النفط. فحسب بيانات سومو فقد حقق سعر تصدير برميل النفط العراقي اعلى مستوياته في عام 2023 حيث وصل الى 91.35 دولار كمعدل لشهر أيلول ثم بداء بالانخفاض ليصل الى 76.91 دولار في شهر كانون اول.
وبسبب ان مجموع العجز في عوائد التصدير خلال الأشهر الأربعة الاولى والبالغ حوالي 6.017 ترليون دينار فان الزيادة في أسعار النفط للأشهر الثمانية المتبقية من هذا العام التي تغطي هذا العجز اضافة الى مبلغ 17 ترليون دينار ستكون بواقع 20.34 دولار للبرميل؛ أي يكون سعر تصدير النفط العراقي خلال ما تبقى من هذا العام حوالي 90.34 دولار للبرميل مع افتراض تصدير 3.5 مليون برميل يوميا. وفي حالة عدم تحقيق هذا المستوى من الصادرات فهذا يعني ضرورة ان يكون سعر التصدير اعلى من السعر المحتسب أعلاه.
في ضوء المعلومات والبيانات المتاحة اعتقد ان احتمالية تصدير النفط العراقي بسعر يزيد على 90 دولار للبرميل ضعيفة للغاية ان لم تكن معدومة، وعليه اعتقد ان حجم العجز في عوائد تصدير النفط ستزداد وستقود الى زيادة حجم “العجز المالي”.
ثانيا: المقارنة مع تقديرات تقرير نفط العراق (Iraq Oil Report- IOR)
درج تقرير نفط العراق، المرموق، على إعادة نشر بيانات سومو الشهرية لمعدلات التصدير وعوائد صادرات النفط منذ بداية عام 2011 ولغاية نهاية كانون ثاني 2024. وبسبب توقف شركة سومو عن نشر بيانات عوائد الصادرات النفطية ومعدل سعر التصدير، فقد قام تقرير نفط العراق بتقدير عوائد التصدير مع اعتماد بيانات سومو بشأن كميات النفط المصدر. بيَن التقرير ان تقديراته لإجمالي العوائد اعتمدت على “حجم الصادرات وتاريخ اتجاهات الأسعار مقارنة بالمؤشرات الدولية International benchmarks”، دون تحديد او تسمية تلك المؤشرات الدولية.
جدول رقم (3)
تقديرات عوائد صادرات وأسعار النفط لتقرير نفط العراق
تشير بيانات الجدول أعلاه الى تباين كبير في عوائد الصادرات وأسعار التصدير الشهرية بين تقديرات تقرير نفط العراق وتقديرات بيانات وزارة المالية المذكورة في الجدولين رقم (1) ورقم (2).
ثالثا: تقديرات بيانات اسعار نفوط الإشارة- معادلات سومو في تسعير النفط
تستخدم شركة سومو أربعة اسعار “نفوط إشارة Marker Crudes” دولية، اضافة الى متغيرات أخرى ككثافة النفط API والمحتوى الكبريتي وغيرها، في معادلاتها الشهرية لتحديد أسعار تصدير النفط العراقي الى الاسواق الرئيسية الثلاث: استخدام معدل سعر نفط دبي ونفط عُمان للأسواق الاسيوية، وسعر نفط برنت ديتد للأسواق الاوربية وسعر أسسي ASCI Argus Sour Crude Index- لأسواق الامريكيتين.
وجدت من الضروري الاسترشاد ببيانات نفوط الإشارة تلك ومقارنة معدلاتها الشهري مع معدل سعر تصدير سومو لغرض التحليل المقارن لتقديرات عوائد صادرات النفط.
جدول رقم (4)
معدلات اسعار سومو ونفوط الإشارة للفترة من بداية تموز 2023 الى نهاية كانون ثاني 2024 (دولار/برميل)
(*): توقف شركة سومو عن اعلان معدل سعر التصدير منذ بداية شباط 2024 حال دون عقد هذه المقارنات للأشهر اللاحقة.
إذا افترضنا استمرارية هذه العلاقة بين سعر سومو ومعدل سعر نفوط الاشارة، يكون تقدير سعر سومو للأشهر شباط واذار ونيسان كما في الجدول التالي.
جدول رقم (5)
تقدير اسعار النفط المصدر اعتمادا على اتجاهات اسعار نفوط الاشارة
في ضوء التقديرات أعلاه فان سعر التصدير المحتسب على أساس العلاقة مع المعدل الحسابي البسيط لأسعار نفوط الإشارة يصبح اعلى من كل من تقديرات سعر التصدير على أساس بيانات وزارة المالية وبيانات تقرير نفط العراق، وخاصة بالنسبة لأشهر شباط واذار ونيسان.
رابعا: المقارنة بين التقديرات الثلاث لأسعار وعوائد تصدير النفط لغاية نهاية شهر نيسان 2024
يلخص الجدول التالي اجمالي التباين في التقديرات الثلاثة لكل من أسعار تصدير النفط وعوائد التصدير المتحققة، بالنسبة لتقديرات كل من وزارة المالية وتقديرات تقرير نفط العراق، والمفترضة على أساس معدل اسعار نفوط الإشارة.
جدول رقم (6)
مقارنة تقديرات عوائد الصادرات النفطية واسعار التصدير المتحققة لغاية نهاية شهر نيسان 2024
تشير بيانات الجدول أعلاه الى تباين كبير بين التقديرات الثلاثة، حيث ان تقديرات تقرير نفط العراق تزيد على تقديرات وزارة المالية بنسبة 14.1% في كل من مجموع عوائد التصدير وكذلك في معدل أسعار النفط، علما ان كلا التقديرين اعتمدا نفس معدلات كميات النفط المصدر. اما التقديرات المعتمدة على أسعار نفوط الإشارة فإنها اعلى من تقديرات تقرير نفط العراق، وبالتالي على تقديرات وزارة المالية وبنسبة انحراف قدرها 14.86% و14.84% لمجموع عوائد التصدير ومعدل أسعار النفط على التوالي.
خامسا: تقدير حجم العجز في عوائد الصادرات النفطية
من الطبيعي ان تنعكس تباينات أسعار وعوائد النفط على حجم العجز في تلك العوائد المتحققة ونسبتها الى العوائد المخططة في موازنة 2024. يلخص الجدول التالي المقارنة بين نتائج التقديرات الثلاثة.
جدول رقم (7)
تقديرات العجز في عوائد الصادرات النفطية لغاية نهاية شهر نيسان 2024 (بليون دولار)
يترتب على هذا التباين نتائج متناقضة ذات تأثيرات كبيرة على موازنة عام 2024: تقديرات وزارة المالية تشير الى عجز في عوائد صادرات النفط المتحققة مقارنة بما ورد في الموازنة قدره 6.017 ترليون دينار (او 4.629 بليون دولار)، في حين ان تقديرات تقرير نفط العراق تشير الى عجز طفيف في تلك العوائد قدره 494 مليون دولار فقط وتقديرات أسعار نفوط الإشارة الى عجز اقل قدره 282 مليون دولار.
التباين كبير جدا بين بيانات وزارة المالية من جهة وبيانات كل من تقرير نفط العراق وبيانات اسعار نفوط الاشارة من جهة ثانية. فبيانات وزارة المالية كونها رسمية وضمن تقارير شهرية تفصيلية يتم اعدادها ضمن منهجية موحدة ونظم محاسبية وتدقيقية ومراجعة قبل نشرها بصيغتها النهائية، يعطيها افضلية بدرجة الموثوقية. بالمقابل فان تقديرات تقرير نفط العراق (المنشورة) وتقديرات اسعار نفوط الاشارة (المستخدمة من قبلي لغرض هذه المقارنة) هي مجرد تقديرات، ولكن تقاربهما الكبير يعطيهما افضلية بدرجة المقبولية. ومع ذلك يبقى التساؤل المحير، لماذا هذا التباين الكبير وهذه التقديرات المنخفضة المعتمدة على بيانات وزارة المالية؟ هل هناك خطأ منهجي في بيانات وزارة المالية ام ان حسابات الوزارة مبنية على سعر صرف يختلف كثيرا عما هو مذكور في قانون الموازنة الثلاثية 2023-2025 ام تعتمد وزارة المالية على بيانات لكميات النفط المصدر تختلف عن تلك التي تعلنها شركة سومو؟
في ضوء ما تقدم ارى من الضروري جدا قيام كل من وزارة المالية ووزارة النفط بإصدار بيان رسمي، مشترك او منفصل، يتضمن بوضوح كميات النفط المصدر ومعدل سعر التصدير وحجم عوائد الصادرات النفطية على اساس شهري اعتبارا من شهر كانون ثاني 2024.
وإذا كانت بيانات وزارة المالية صحيحة دقيقة فهل تتوقع الوزارة ان يزيد معدل سعر تصدير النفط على 90 دولار للبرميل خلال الفترة من بداية ايار الى نهاية العام وذلك لتغطية العجز المتحقق في عوائد صادرات النفط خلال الأشهر الأربعة الأولى.
وأخيرا، من الضروري نشر الجداول الرئيسية لموازنة 2024 والتي صادق عليها مجلس النواب قبل أكثر من شهر واية تعديلات أخرى تتعلق بموازنة 2024 في قانون الموازنة الثلاثية 2023-2025، وخاصة ما يتعلق بمعدلات تصدير النفط ونفط الاقليم فيها وسعر الصرف.