أخبار عاجلةشركات عالمية

شركات داعمة لإسرائيل تخسر… وعلامات خليجية محلية تزدهر

 سلط إعلان الرئيسة التنفيذية لسلسلة مقاهي “ستاربكس”، براين نيكول، في الأسبوع الماضي، أن السلسلة تعتزم إلغاء 1100 وظيفة مؤسسية وإدارية، الضوء على تأثير حملات المقاطعة لمنتجات الشركات الداعمة لإسرائيل، لا سيما في دول الخليج وسط صعود لافت لعلامات تجارية محلية رسخت قدمها في السوق لأول مرة.

ففي سلطنة عمان، أعلنت شركة “كارفور” الفرنسية لسلاسل البيع بالتجزئة، في الثامن من يناير/كانون الثاني الجاري، عن توقف عملياتها في السلطنة، وهو الانسحاب الثاني من نوعه داخل دول المنطقة العربية في أقل من شهرين، حيث سبق أن انسحبت السلسلة الشهيرة من الأسواق الأردنية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بينما شهدت علامات تجارية محلية مثل مقهى (55) نموًا ملحوظًا، وأصبح العديد من هذه العلامات بديلا رائجا لشركات الوجبات السريعة الأميركية في مسقط، ومنها “كوكو” و”RFC” و”بوم”، التي قدمت بديلا وطنيا لدجاج كنتاكي، وغيرها من العلامات التي حققت نجاحا ملحوظا خلال العام الماضي، بحسب ما رصده “العربي الجديد” ميدانيا.

كما زادت مبيعات المنتجات المحلية مثل الصابون والمنظفات، مما أدى إلى تعزيز حركة الأموال داخل الاقتصاد العماني، وهو ما أشار إليه الخبير الاقتصادي العماني، حيدر اللواتي، لافتا إلى أن حملات المقاطعة في الشرق الأوسط أثرت بشكل كبير على الشركات الداعمة لإسرائيل وأن المقاطعة أدت إلى زيادة الوعي بالمنتجات المحلية وتعزيز الاقتصادات الوطنية في المنطقة، وفقا لما أوردته صحيفة “عمان أوبزرفر” الحكومية.

وفي الكويت، شهدت فروع “ستاربكس” في المناطق المزدحمة تراجعًا في تدفق العملاء منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أدى إلى تعزيز مبيعات المقاهي المحلية، ومنها “أسترولاب”، التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 30% في بعض المواقع مع تحول قطاعات واسعة من الأردنيين عن “ستاربكس”.
وفي السعودية، ازدهرت مبيعات “كنزا” للمشروبات الغازية، والتي أصبحت تصدر منتجاتها إلى العديد من الدول الخليجية والعربية، بما فيها قطر وعُمان ومصر، واعتمدها عدد من المطاعم مشروبا يقدم إلى جوار وجباتها بديلا عن بيبسي وكوكاكولا الأميركتين.

خسائر أصحاب الوكالات في الخليج

في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي المقيم في كندا، مصطفى يوسف، لـ “العربي الجديد”، إلى أن مقاطعة ستاربكس من شأنها في المقابل أن تنعكس إيجابا على رواج المقاهي المحلية في دول الخليج، مؤكدا أنه لن يتم فقدان فرص العمل، حيث يمكن للعاملين في ستاربكس أو أي شركة أخرى مشمولة بالمقاطعة الانتقال للعمل في البدائل المحلية.

ويرى يوسف أن أصحاب الوكالات هم المتضررون من المقاطعة، ومع ذلك يمكن لهم إلغاء العقود مع الشركات المستهدفة بالمقاطعة الشعبية والاحتفاظ بنفس التجهيزات، مع تغيير الأسماء إلى أسماء محلية مثل “كريم باكس” أو “مقهى فلسطين الحرة” أو “مقهى نابلس” وغيرها من الأسماء التي تمثل بديلا ثقافيا لرسالة المقاطعة وعلامة تجارية محلية في الوقت ذاته.

ويشدد الخبير الاقتصادي على أهمية المقاطعة كموقف أخلاقي يدعم الاقتصاد، مستشهدا بتجربته الشخصية في كندا، حيث نجحت حملة مقاطعة واسعة لمنتجات إسرائيل، لا سيما شركات مثل “سودا ستريم” للمشروبات الغازية و”تيفا” للأدوية.
ويدعو يوسف المواطنين بدول الخليج إلى شمول حملة المقاطعة قطاعات أخرى، على رأسها شركات التكنولوجيا مثل فيسبوك وإكس وتسلا، ويشير إلى أن العديد من مالكي سيارات تسلا في أميركا وكندا يعبرون عن أسفهم لشرائها قبل معرفتهم بمواقف إيلون ماسك السياسية، مؤكدا أن مقاطعة “تسلا”، على سبيل المثال، يمكن أن تكون خطوة نحو دعم الشركات المحلية في مجال السيارات الكهربائية.

ويخلص يوسف إلى أن المقاطعة ليست مجرد قرار فردي، بل هي واجب وطني وأخلاقي يعكس رغبة في بناء اقتصاد مستقل وقوي، وخطوة تسهم في تعزيز الهوية وتقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية، مما يعود بالنفع على الاقتصادات المحلية بالخليج والمستهلكين على حد سواء.

تفوق محلي

في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ “العربي الجديد”، إلى أن المقاطعة الشعبية لسلاسل المقاهي والمطاعم والماركات العالمية كانت ردة فعل طبيعية على دعم هذه الشركات للاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة، وفتحت المجال لظهور مشروعات محلية جديدة، سواء في قطاع المقاهي أو المطاعم، حيث تم استبدال السلاسل العالمية بمشاريع وطنية تقدم منتجات ذات جودة عالية، وأسعار تنافسية، بل وتتفوق في بعض الأحيان على ما تقدمه السلاسل الأجنبية.

وهذه المشروعات المحلية لم تكن مجرد بديل، بل أصبحت أكثر تنوعا وتلبي احتياجات المستهلكين بشكل أفضل، خاصة من الناحية الثقافية والوطنية، بحسب ما يراه عايش، موضحا أن المقاطعة لم تؤد إلى فقدان فرص العمل، كما تردد الدعاية المعاكسة لها، بل ساهمت في خلق فرص جديدة للشباب في المشروعات المحلية الناشئة، لافتا إلى أن معدلات البطالة في بعض الدول إما ظلت ثابتة أو تحسنت قليلاً بعد المقاطعة، وذلك بسبب ظهور مشروعات جديدة استوعبت العمالة التي كانت تعمل في السلاسل العالمية المستهدفة بالمقاطعة، وأضافت قطاعات ناشئة إلى الاقتصاد المحلي، مما ساهم في تنويعه وتعزيزه.
ويلفت عايش إلى أن المشروعات المحلية التي ظهرت بعد المقاطعة تميزت بأفكار شبابية مبتكرة وجودة عالية، ما جعلها تتفوق في بعض الأحيان على ما تقدمه السلاسل العالمية، مشيرا إلى أن هذه المشروعات أكثر انسجاما مع احتياجات المستهلكين المحليين، سواء من حيث الثقافة أو التكلفة أو الخدمة المقدمة، حيث أصبحت المقاهي والمطاعم المحلية أكثر قربا من الناس، وتقدم أفكارا جديدة وابتكارات في المنتجات والخدمات، ما جعلها الخيار الأول للمستهلكين. كما ساهمت المقاطعة في تعزيز الوعي بأهمية دعم المحتوى الوطني في الأنشطة الاقتصادية، خاصة في القطاعات الترفيهية والخدمية، حسب عايش.
ويخلص إلى أن الدرس المستفاد من نجاح حملة المقاطعة هو أن أي نشاط اقتصادي أو تجاري في أي دولة يجب أن يراعي مشاعر الناس ومواقفهم الأخلاقية، مؤكدا أن الشركات العالمية التي تتجاهل هذه الجوانب تخسر بشكل كبير، كما حدث مع “ستاربكس” و”ماكدونالدز” وماركات الأزياء العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى