تبني العملات الرقمية: هل ستصبح بيتكوين وإيثيريوم وسائل دفع اعتيادية؟
لطالما كان اعتماد العملات الرقمية – مثل بيتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH)- كوسائل اعتياديةٍ للدفع محطّ نقاشات الخبراء الماليين والاقتصاديين والمهتمين بقطاع البلوكتشين عموماً، وقد حققت هذه العملات الرقمية إنجازاتٍ كبيرة؛ إلّا أنها ما تزال بعيدةً عن استخدامها عالمياً في المعاملات اليومية. وسنناقش في هذه المقالة واقع بيتكوين وإيثيريوم الحالي وإمكانية تحوّلهما مستقبلاً إلى وسيلتي دفع واسعتي الانتشار، مع مقارنتهما بالأنظمة المالية التقليدية والحديث عن منصة كوينز دروم وتسهيلها إجراء المعاملات وسعيها لدمج العملات الرقمية في الحياة اليومية.
واقع تبنّي بيتكوين وإيثيريوم في الوقت الحاليّ
تُعتبر بيتكوين وإيثيريوم أكبر عُملتين رقميتين من حيث القيمة السوقية، وقد تزايد قبول وتبنّي العملتين بشكلٍ واضح في السنوات الأخيرة، وبحسب تقريرٍ من تشينالسيس: ارتفعَ تبني العملات الرقمية على مستوى العالم أكثرَ من 880% في عام 2021 وخاصّةً في البلدان التي تشهد اضطراباتٍ اقتصاديةً وتضخّماً مفرطاً، وقد يعود سبب هذا التبني إلى الطبيعة اللامركزية لهذه العملات التي توفر بديلاً للأنظمة المالية التقليدية الغارقة في المركزية والقيود التنظيمية.
ولا يزال التبنّي الواسع بعيد المنال رغم كلّ هذا النمو؛ حيث كشف استطلاعٌ أجرته شركة ديلويت عام 2023 عن قبول 6% فقط من تجّار الولايات المتحدة للعملات الرقمية كوسيلةٍ للدفع، وتشير هذه الإحصائية إلى التحدّيات التي تواجهها بيتكوين وإيثيريوم خلال سعيها للحصول على التبني الواسع كوسيلةٍ للدفع اليومي بما فيها التقلّبات السعرية ومشاكل توسّع البلوكتشين وعدم اليقين التنظيميّ.
آراء الخبراء حول التبنّي واسع النطاق
من الضروريّ أن نتعرَّف على وجهة نظر خبراء القطاع لنُشكّل فهماً أعمق حول احتمال أن تصبح عملتا بيتكوين وإيثيريوم وسائل دفعٍ اعتيادية.
د. جاريك هيلمان (Garrick Hileman) رئيس قسم الأبحاث في موقع Blockchain.com يرى أن تقلّبات أسعار العملات الرقمية يُعتبر عائقاً في وجهها رغم قدرتها على تغيير واقع عمليات الدفع، وصرَّح في حديثه حول هذه النقطة: “يمكن تبنّي بيتكوين وإيثيريوم بشكلٍ واسع كوسائلَ للدفع، ولكنّهما بحاجة لاستقرارٍ سعريٍّ أكبرَ وحلولٍ أفضل للتوسّع، وستبقى العملتان وسيلةً خاصّةً للدفع تستخدمها الشركات والمهتمون بالمجال التقني حتى يتمّ تحقيق هذه الشروط”.
كايتلين لونج (Custodia) المؤسسة والمديرة التنفيذية لمصرف كاستوديا (Custodia) تقدّم لنا وجهة نظرٍ أكثر تفاؤلاً، حيث ترى أن التطوير المستمر لحلول الطبقة الثانية والعملات المستقرة المدعومة بالعملات التقليدية يمكنها تمهيد الطريق أمام التبني الواسع: “تُعتبر حلول الطبقة الثانية مثل شبكة البرق Lightning Network الخاصّة ببيتكوين ومساعي حلول توسّع إيثيريوم عبر بلوكتشين إيثيريوم الثانية (الإيثريوم 2.0) خطوةً واعدةً نحو استخدام العملات الرقمية لإجراء المعاملات اليومية”.
مقارنة العملات الرقمية بالأنظمة المالية التقليدية
تمتلك الأنظمة المالية التقليدية عدّة ميزاتٍ تجعلها أفضل من العملات الرقمية بما فيها الاستقرار والقبول الواسع والإشراف التنظيميّ، ولكنّها تتصف ببعض العيوب مثل رسوم المعاملات المرتفعة وأوقات المعالجة الطويلة واحتمالية الاحتيال. أما بالنسبة للعملات الرقمية، فهي تفرض رسوماً أقلّ على المعاملات وأوقاتاً أقصرَ للمعالجة وعوامل أمانٍ مُتطوّرةً بفضل تقنية البلوكتشين؛ وبحسب تقريرٍ من مجموعة بوسطن الاستشارية يُمكن لإجراء المعاملات الدولية باستخدام العملات الرقمية خفض تكاليف التحويل حتى 80% مقارنةً بالوسائل التقليدية، كما تُعتبر البلوكتشين من الحلول الممتازة لمنع الاحتيال وضمان نزاهة البيانات بفضل الشفافية واستحالة التلاعب بها.