شركات عالمية

ضربة مؤلمة للاقتصاد التركي.. واشنطن تعيد قضية بنك "خلق" للواجهة

وجهت الإدارة الأميركية ضربة قاصمة للاقتصاد التركي عبر إعادة قضية بنك “خلق” التركي إلى الواجهة، حيث أعلنت وزارة العدل الأميركية أنّها وجّهت إلى بنك “خلق”، الثلاثاء، تهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، علماً أنّ أحد مسؤولي هذا المصرف العمومي التركي أدين في نيويورك في 2018 بهذه التهمة.

إعادة قضية بنك “خلق” إلى الواجهة مجدداً تأتي بعد اتفاق أميركي تركي العام الماضي نص على إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برانسون مقابل تجاهل القضية أو تخفيض الغرامات المليارية والعقوبات في قضية البنك.

وقال المحامي في مانهاتن، جيفري بيرمان، إن كبار مسؤولي البنوك في البنك المملوك للدولة التركية ساعدوا في نقل مليارات الدولارات من عائدات النفط الإيراني بصورة غير قانونية، وفقاً لما أوردته شبكة “فوكس نيوز” الأميركية.

ووجه المدعون الأميركيون في نيويورك، أمس الثلاثاء، اتهامات إلى بنك “خلق”، الذي تديره الدولة في تركيا، بالمشاركة في صفقة بمليارات الدولارات للتهرب من العقوبات المفروضة على إيران، في خطوة تأتي بعدما فرضت واشنطن عقوبات على أنقرة بسبب غزوها شمال سوريا.
وتضمنت الاتهامات التآمر للاحتيال على الولايات المتحدة والتآمر لخرق قانون القوى الاقتصادية في حالات الطوارئ الدولية والاحتيال المصرفي وغسل الأموال والغش والاحتيال للتهرب من العقوبات المفروضة على إيران، وفقاً لبيان وزارة العدل الأميركية.

ويتعلق الادعاء بخطة تركية استمرت بين عامي 2012 و2016، وفقاً لقرار الاتهام، حيث حول البنك عائدات عن طريق الغش والتلاعب إلى إيران بقيمة 20 مليار دولار.

وقال المحامي بيرمان إن الجرائم كانت مدعومة من قبل كبار المسؤولين في الحكومة التركية، والذين حصل بعضهم على ملايين الدولارات كرشوة لدعم وحماية المخطط.

وتأتي هذه الخطوة ضد البنك بعد أكثر من عام من إدانة محمد حاكان أتيلا، وهو مدير تنفيذي للبنك، وسُجن بسبب لعبه دورا في مخطط عمليات التهريب. وتم إطلاق سراحه وتم نقله إلى تركيا في يوليو.

المفاوضات السرية لإنقاذ البنك

وفي نوفمبر من العام 2018، أجرت أنقرة وواشنطن مباحثات تستهدف تجنب فرض عقوبات محتملة تبلغ مليارات الدولارات على النظام المصرفي وبنك “خلق” الحكومي في تركيا، بعد أن سبق وأدين نائب رئيسه السابق محمد هاكان أتيلا بالتحايل المصرفي من أجل انتهاك العقوبات الأميركية على إيران في الفترة ما بين عامي 2010 و2015. وحكم عليه القضاء الأميركي بالحبس لمدة 3 سنوات.

ولمح حينها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى حدوث انفراجة في قضية بنك “خلق” مع الولايات المتحدة، عقب اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الأميركي دونالد ترمب في تلك الفترة.

وقال أردوغان في تصريحات صحافية بعد الاتصال إنه بحث مع ترمب قضية البنك الذي يواجه احتمال فرض غرامات أميركية بعد إدانة نائب رئيسه السابق بالمشاركة في عمليات لمساعدة إيران على تفادي العقوبات الأميركية.

الرئيسان أردوغان وترمب

وأضاف أردوغان أنه ناقش الأمر مع ترمب، وأنه أبلغه بأنه سيوجه على الفور تعليماته للوزراء المعنيين وأن مسؤولين أميركيين اتصلوا بوزير الخزانة والمالية التركي برات البيرق في اليوم التالي، وأن المحادثات مستمرة بشأن هذه القضية، ومن المهم للغاية أن تبدأ هذه العملية.

وأدين أتيلا في الثالث من يناير/كانون الثاني من العام 2018 بالاختلاس المصرفي والتحايل لانتهاك العقوبات الأميركية في ختام جلسات في محكمة بمانهاتن دامت أكثر من 3 أسابيع، حيث كان من المتوقع أن تؤدي القضية إلى فرض عقوبات ضخمة على النظام المصرفي التركي، وفي مقدمته بنك خلق منها غرامات مالية قدرتها وسائل إعلام أميركية بـ 20 مليار دولار.

وقالت مصادر تركية إن مساومات جرت بين أنقرة وواشنطن حول قيام تركيا أولاً بتسليم القس الأميركي أندرو برانسون، الذي كانت تحاكمه بتهمة دعم تنظيمات إرهابية، قبل أن تفرج عنه بالفعل في 12 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي ويعود إلى بلاده، مقابل الإفراج عن أتيلا وإعادته إلى تركيا وعدم إصدار عقوبات على البنك والنظام المصرفي في تركيا، وذلك وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

القس الأميركي أندرو برانسون

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد كشفت عن استعداد أنقرة الإفراج عن القس الأميركي في مقابل وقف واشنطن تحقيقاً قد ينتهي بفرض غرامة تبلغ مليارات الدولارات على بنك “خلق” الحكومي المتورط في عملية غسيل أموال لصالح إيران.

ويعتبر بنك “خلق” محور فضيحة جنائية كبيرة، تتعلق بغسيل أموال لصالح إيران لمساعدتها في تجاوز العقوبات الأميركية عليها.

وأضافت المصادر أن المساومات شملت أيضاً إطلاق سراح موظفَيْن محليَيْن يعملان بالقنصلية الأميركية بإسطنبول، وعدد آخر من الموقوفين الأميركيين في تركيا.

أهمية البنك بالنسبة لتركيا

يعطي المسؤولون الأتراك أهمية قصوى لإنهاء قضية بنك “خلق”، لأن إدانة البنك بغسل الأموال والالتفاف على العقوبات الأميركية ضد إيران، من شأنه أن يضرب السمعة الاقتصادية لتركيا في مقتل، لأن معاملاتها التجارية مع العالم تتم من خلاله، وسيعصف بالليرة التركية المنهارة أصلاً، كما أن الغرامة الضخمة ليس بمقدور النظام المالي التركي تحملها. وتصر السلطات التركية على عدم حصول أي انتهاكات للعقوبات الأميركية على طهران، مشددة على أنها لم تكن طرفا في أي عمليات مصرفية غير قانونية.

وفي تلك الفترة تبادلت أنقرة وواشنطن رفع عقوبات فرضت من الجانبين بسبب التوتر الذي صاحب محاكمة القس برانسون بدون كشف التفاصيل.

اتهامات سابقة

وكانت السلطات الأميركية قد وجهت الاتهامات إلى 9 أشخاص من بينهم 8 أتراك، أحدهم الوزير الأسبق للاقتصاد، بتهمة القيام بصفقات بمئات ملايين الدولارات لحساب إيران ومنظمات إيرانية.

وأعلنت وزارة العدل الأميركية أن المتهمين انتهكوا الحظر المفروض على إيران عند قيامهم بهذه الصفقات.

وتابعت الوزارة أن محمد ظافر شاغليان (59 عاماً) الذي كان آنذاك وزيراً للاقتصاد، وسليمان أصلان (47 عاماً)، ولاوند بلقان (56 عاماً)، وعبد الله حباني (42 عاماً) المسؤولين في مصرف “البنك التركي” الحكومي، قاموا بـ”تبييض” أموال عائدة لإيران “لقاء ملايين الدولارات من الرشى”، حيث تلقى الوزير الأسبق عشرات الملايين من الدولارات نقداً وعلى هيئة مجوهرات، وفقاً لما نقلته “فرانس برس” حينها.

وأضافت الوزارة أن المتهمين أقاموا نظاماً داخل مصرف البنك التركي بين عامي 2010 و2015، يتيح للحكومة الإيرانية ولهيئات محلية الوصول بشكل “غير مشروع” إلى النظام المالي الأميركي.

ومضت تقول إن طهران تمكنت من خلال هذا النظام من الالتفاف حول العقوبات والقيام بشكل غير مباشر بصفقات بالدولار وبالذهب وإخفاء مصدر الأموال دون أن تكشفها المصارف الأميركية.

وكانت السلطات الأميركية قد وجهت الاتهام إلى إيرانيين في إطار القضية نفسها، من بينهم رضا زراب ومحمد حقان اتيلا اللذان أوقفا على ذمة هذه القضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى