البورصات العالمية 2020.. نزيف متواصل
ستوك نيوز – انتهى عام 2019 بالكثير الأحداث والمستجدات التي تركت آثارًا سلبية في البورصات العالمية والتي كان في مقدمتها: الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ومساءلة الرئيس دونالد ترامب، واحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، ولا يزال عدم اليقين يخيم على الأسواق إلى الآن.
وبينما كان عام 2019 يلملم أوراقه، منيت البورصات العالمية بفاجعة من العيار الثقيل، وهي فاجعة فيروس كورونا المستجد؛ حيث شهدت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم خسائر تاريخية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي (2020)، ناهيك عن عمليات البيع المكثفة المرتبطة بالخوف من انتشار هذا الفيروس.
وقال محللون في قسم إدارة الثروات بمصرف الولايات المتحدة “إنه على الرغم من التحفيز النقدي والمالي، نتوقع أن تبقى تقلبات الأسهم مرتفعة طالما لا يزال من غير المعروف مدة وتأثير فيروس كوفيد-19، وكذلك ظلت أسعار النفط منخفضة، ورؤية الأرباح ضبابية”.
تهاوي الأسهم العالمية
ولئن كان البعض رأى توقعات البنك الاستثمار الدنماركي في نسختها السابعة عشرة، والتي أتت تحت مسمى “Outrageous Predictions” صادمة وغير منطقية، فإن الوقائع أثبتت أن توقعات البنك حول البورصات العالمية والاقتصاد بشكل عام كانت صحيحة تمامًا؛ حيث شهد مؤشر “داو جونز الصناعي” ومؤشر “فوتسي” في لندن أكبر انخفاضات فصلية منذ عام 1987؛ إذ انخفضا بنسبة 23% و25% على التوالي، كما خسر مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 20% خلال الربع الأول من عام الجاري، وهو الأسوأ له منذ عام 2008.
ولا تزال العديد من مؤشرات الأسهم متراجعة بأكثر من 20% عما كانت عليه في بداية العام. وأدى التراجع الحاد في أسعار النفط؛ نظرًا لانخفاض الطلب، وحرب الأسعار بين المنتجين، إلى تفاقم المشاكل في أسواق المال.
توقعات صادمة ونزيف متواصل
إن هذه الأزمة التي ترزح البورصات العالمية وأسواق المال تحت نيرها هذا العام أكثر حدة وخطورة من أزمة عام 2008؛ حيث توقع خبراء مؤسسة “آي إتش إس ماركيت”، على سبيل المثال، انكماش النمو هذا العام بنسبة 2.8%، مقارنة بانخفاض بلغ 1.7% عام 2009.
وتوقع 79% من المشاركين في مسح أجراه «يو بي إس» وشمل 3400 شخص من أصحاب الثروات الضخمة حول العالم، اتجاه الأسواق العالمية نحو فترة من التقلب العالي، ناهيك عن أن أكثر من نصف المستثمرين الأثرياء في العالم يتأهبون لانخفاض الأسواق المالية قبل نهاية العام الجاري.
ولم تقتصر المخاوف على فيروس كورونا وحده؛ إذ إن الكثير من المستثمرين يتوخون الحذر عند إعادة ضبط محافظهم الاستثمارية؛ وذلك في ظل الحذر من المخاطر الجيوسياسية، واستمرار النزاع التجاري بين واشنطن وبكين، إلى جانب الانتخابات الرئاسية المقبلة في أمريكا.
وتبرز الانتخابات الرئاسية الأمريكية بقوة في تفكير الأسواق؛ حيث يقول الملياردير بول تيودور جونز إن سوق الأسهم سوف يهبط بشكل ملحوظ إذا فاز أي ديموقراطي في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، بغض النظر عن اختلاف مقترحاتهم للسياسات؛ لأن ذلك سيعني زيادة في الضرائب، سوى أن حدة الهبوط ستختلف بحسب المرشح.
وعلى أي حال، فإن البورصات العالمية ليست في أفضل حالاتها وذلك منذ الربع الأخير من العام الماضي وأتت جائحة كورونا لتزيد الأمور تعقيدًا، وليس من المرجح أن تشهد الأسواق العالمية تحسنًا ملحوظًا خلال النصف الثاني من العام الجاري، فضلًا عن أنه حتى وإن كان هناك تحسن بفضل العود الحذر والتدريجي إلى مزاولة الأعمال، واستراتيجيات التعايش مع الفيروس، فهل سيكون هذا التحسن كفيلًا بإصلاح ما حدث خلال الفترة الماضية؟