أخبار عاجلةالاقتصاد الرقمي

خسائر 300 مليار دولار في سوق العملات المشفرة لتسجل أعنف موجة بيع منذ أشهر

تعرض سوق العملات المشفرة هذا الأسبوع لضربة قاسية بخسارة بلغت 300 مليار دولار، مع تفكك صفقات عالية الرافعة عبر المنصات، ما أدى إلى انهيار العملات الكبرى ودفع المعنويات العامة إلى مستويات لم تُسجل منذ يونيو.

بدأ الانهيار يتسارع بعدما هبطت عملة إيثريوم بنسبة 12%، في أكبر تراجع أسبوعي لها منذ منتصف العام، لتكسر مستوى 4,000 دولار الذي كان المتداولون يترقبونه لعدة أشهر. أما بيتكوين، المعيار الأساسي للصناعة، فقد فقدت 5% من قيمتها، وهو أكبر هبوط أسبوعي لها منذ مارس، لتتداول حالياً عند أدنى مستويات نطاقها السعري.

الصفقات ذات الرافعة المالية تكبدت خسائر ضخمة، حيث جرى تصفية أكثر من 3 مليارات دولار من المراكز الطويلة عبر منصات التداول الآجلة الدائمة، مع انعكاس اتجاه السوق بشكل حاد. وربما تكون الخسائر أكبر، إذ إن معظم المنصات لا تفصح عن أرقام التصفية الكاملة. وقد أدى ذلك إلى تأثير متسلسل دفع أسعار العملات كافة للانخفاض. ورغم توقف مؤقت يوم الجمعة عقب صدور بيانات التضخم التي منحت الاحتياطي الفيدرالي بعض المرونة، إلا أن الانتعاش الطفيف لم يكن كافياً لوقف النزيف.

تراجعات في صناديق البيتكوين المتداولة وتراجع اهتمام المشترين المؤسسيين

شهد يوم الخميس جلسة صعبة أخرى، إذ سجلت صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) للبيتكوين والإيثريوم المدرجة في الولايات المتحدة خروج أكثر من 500 مليون دولار. في اليوم نفسه، قال آرثر عزيزوف، مؤسس شركة B2 Ventures: “انخفاض البيتكوين دون مستوى 109,000 دولار إشارة إلى أن السوق محموم ويتجه إلى مرحلة تبريد”.

هذا المستوى لم يُكسر منذ أوائل سبتمبر. ويأتي التراجع مع جفاف شهية المستثمرين المؤسسيين. فبعد أن اشترت الشركات نحو 64,000 بيتكوين في يوليو، تراجع الرقم إلى 12,600 في أغسطس، ولم يتجاوز 15,500 في سبتمبر حتى الآن، بانخفاض نسبته 76% عن وتيرة الشراء السابقة، بحسب بيانات CryptoQuant.

الشركات التي كانت تجمع الأموال عبر صفقات PIPE (استثمارات خاصة في أسهم عامة) باتت ترى أسهمها تتداول بأقل من 97% من قيمتها الأولية. وكانت هذه الشركات تُعتبر في السابق مشترياً مستقراً للعملات المشفرة، محتفظة بالبيتكوين في ميزانياتها كـ”ذهب رقمي”. لكن تلك النظرية تنهار حالياً، مع تراجع السيولة وغياب الحافز.

وصف بول هوارد، المدير الأول في شركة Wincent لصناعة السوق، هذا التراجع بأنه “تصحيح صحي”، لكنه أقر بالمخاطر، قائلاً: “مع هبوط البيتكوين دون متوسطها المتحرك لـ100 يوم وتراجع القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة إلى ما دون 4 تريليونات دولار، قد يستمر الضغط في التصاعد”، مضيفاً: “لا يوجد هلع، لكن العملات المشفرة باتت مرتبطة بالاتجاهات الكلية أكثر من أي وقت مضى. وللمرة الأولى في 2025، أشكك في إمكانية العودة إلى المستويات القياسية هذا العام”.

تصفية مراكز في العقود الآجلة مقابل تدفقات مستمرة من مستثمري التجزئة

إلى جانب ذلك، تكبد متداولو المشتقات خسائر إضافية، إذ تمّت تصفية 275 مليون دولار من المراكز الطويلة على البيتكوين خلال 24 ساعة فقط. ومع تراجع الطلب على العقود الآجلة طويلة الأجل، أخذت شهية المخاطرة في التبخر.

لكن في المقابل، ما يزال المستثمرون الأفراد يتدفقون على صناديق الاستثمار المتداولة. فقد جذب صندوق iShares Bitcoin Trust ETF تدفقات بقيمة 2.5 مليار دولار في سبتمبر، ارتفاعاً من 707 ملايين دولار في أغسطس، بحسب تقرير بلومبرغ.

قال جيف دورمان، مدير الاستثمار في شركة Arca: “الهبوط لم يكن نتيجة عمليات بيع ضخمة، بل لأن المشترين توقفوا عن الشراء”. وأضاف أن غياب الطلب المنتظم من الخزائن المؤسسية أصبح مشكلة حقيقية، قائلاً: “هؤلاء المشترون الكبار لم يكونوا مجرد أرضية للسوق، بل كانوا الهيكل كله”.

أما مورتن كريستنسن، مؤسس AirdropAlert.com، فقد توقع ذلك منذ أغسطس، حين تجاوزت البيتكوين مستوى 123,000 دولار، محذراً المقربين منه من البيع. قال: “بالنسبة لي، دخول جميع الشركات الخزائنية إلى السوق هو إشارة قمة كبرى. حين يصبح الجميع متفائلين، ربما حان وقت الخروج”.

وفي الوقت نفسه، باتت الشركات المدعومة بالخزائن – التي كانت تتداول عند علاوات سعرية ضخمة – تُسعَّر حالياً بما يتماشى مع القيمة الفعلية لاحتياطاتها من البيتكوين. وفقدت هذه الشركات ميزة mNAV (الفجوة بين قيمتها السوقية وقيمة ما تملكه من بيتكوين). فبعد أن كانت تعامل مثل يونيكورن تكنولوجية، أصبحت الآن تُعتبر مجرد “خزائن تشفير” لا أكثر.

زر الذهاب إلى الأعلى