الفضة تتماسك فوق 48 دولاراً.. والأسواق توازن بين ضغوط الفائدة الفيدرالية والطلب الصناعي المتزايد

- يوفر الطلب الصناعي الهائل والمتزايد، خاصة من قطاعي الطاقة النظيفة والتكنولوجيا، “أرضية صلبة” تمنع الأسعار من الانهيار.
- يعيش سعر الفضة حالياً مرحلة “شد حبل” بين قوى السوق المختلفة.
تشهد أسعار العقود الفورية للفضة تداولات مستقرة، حيث تحاول الحفاظ على مكاسبها الأخيرة في مواجهة ضغوط قوة الدولار الأمريكي.
فبعد موجة صعود تاريخية أوصلت المعدن الأبيض إلى قمم غير مسبوقة، دخلت الفضة مرحلة “تجميع قوى” يترقب فيها المستثمرون البيانات الاقتصادية الحاسمة لتحديد اتجاههم التالي.
الأداء السعري والتصحيح الأخير:
أظهرت شاشات التداول، صباح الخميس، أن العقود الفورية للفضة تُتداول عند مستوى 48.4295 دولاراً للأوقية، مسجلة انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.14% (ما يعادل 0.0655 دولار). ويأتي هذا الاستقرار بعد أن شهدت الأسواق موجة بيع لجني الأرباح، حيث تحرك السعر في نطاق يومي محدود بين 47.9215 دولاراً كحد أدنى و48.5680 دولاراً كحد أقصى.
ويأتي هذا التراجع (التصحيح) بعد أن سجلت الفضة، مقتفية أثر الذهب، مستويات قياسية جديدة الأسبوع الماضي، حيث تجاوزت حاجز 54 دولاراً للأوقية.
ويرى المحللون أن هذا التصحيح كان صحياً ومتوقعاً.
الطبيعة المزدوجة للفضة لفهم تحركات الفضة، يجب النظر إلى طبيعتها المزدوجة الفريدة؛ فهي ليست مجرد معدن ثمين وملاذ آمن مثل الذهب، بل هي أيضاً سلعة صناعية حيوية لا غنى عنها في التكنولوجيا الحديثة.
وهذا يعني أن سعرها يتأثر بعاملين رئيسيين:
1. العامل النقدي (السياسة النقدية والدولار): مثل الذهب، تُسعّر الفضة بالدولار الأمريكي. وهذا يخلق علاقة عكسية واضحة؛ فعندما يرتفع الدولار، تصبح الفضة أكثر تكلفة للمشترين الذين يحملون عملات أخرى، مما قد يقلل الطلب عليها.
كما أن أسعار الفائدة المرتفعة، التي يقررها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لكبح التضخم، تزيد من جاذبية السندات التي تدر عائداً، مما يرفع “تكلفة الفرصة البديلة” للاحتفاظ بالفضة، التي لا تدر أي عائد.
ولهذا السبب، تترقب الأسواق بلهفة أي بيانات اقتصادية أمريكية جديدة، خاصة أرقام التضخم وسوق العمل، لاستشراف الخطوة التالية للفيدرالي، والتي ستؤثر مباشرة على قوة الدولار وبالتالي على أسعار الفضة.
2. العامل الصناعي (الطلب الحقيقي): على عكس الذهب، الذي يذهب معظمه إلى المجوهرات والاحتياطيات لدى البنوك المركزية، فإن أكثر من نصف الطلب العالمي على الفضة يأتي من القطاع الصناعي.
هذا الطلب ليس ترفيهياً بل هو ضروري لعمل التكنولوجيا الحديثة، وذلك بفضل خصائص الفضة الفريدة، فهي تعتبر أفضل موصل للكهرباء والحرارة بين جميع المعادن.
ويتركز الطلب الصناعي على الفضة في قطاعات النمو الرئيسية عالمياً:
الطاقة النظيفة (الطاقة الشمسية): تُعد الفضة مكوناً أساسياً لا يمكن استبداله في صناعة الألواح الشمسية (الخلايا الكهروضوئية).
ومع التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة، يشهد هذا القطاع نمواً هائلاً في الطلب على الفضة.
السيارات الكهربائية (EVs): تستخدم السيارات الكهربائية كمية من الفضة تفوق بكثير تلك المستخدمة في السيارات التقليدية، وذلك في البطاريات والمكونات الإلكترونية المعقدة.
الإلكترونيات (5G): كل هاتف ذكي، وجهاز كمبيوتر، وكمبيوتر لوحي، بالإضافة إلى البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس (5G)، يعتمد على الفضة في مكوناته.
يعيش سعر الفضة حالياً مرحلة “شد حبل” بين قوى السوق المختلفة.
فمن ناحية، تضغط توقعات استمرار أسعار الفائدة المرتفعة وقوة الدولار على سعرها كمعدن ثمين.
ومن ناحية أخرى، يوفر الطلب الصناعي الهائل والمتزايد، خاصة من قطاعي الطاقة النظيفة والتكنولوجيا، “أرضية صلبة” تمنع الأسعار من الانهيار.
ويراقب المستثمرون حالياً ليس فقط تصريحات جيروم باول، بل أيضاً مؤشرات النمو في القطاع الصناعي العالمي، لتحديد المسار المستقبلي لـ “شقيقة الذهب الصغرى”