التكامل السياحي العربي المشترك

عوني الداوود

ستوكس نيوز_من أهم التوصيات التي خرج بها «المنتدى العربي الثالث للسياحة والتراث»، والذي استضافته مدينة صلالة بمحافظة ظفار في سلطنة عمان، خلال الفترة من 31 تموز وحتى 1 آب اغسطس الحالي، «التأكيد على أهمية العمل العربي المشترك ووضع خطة اعلامية للترويج السياحي وفقا لبرامج مشتركة تحت مظلة الاتحاد العربي للاعلام السياحي وبما يمكّن من الوصول الى التكامل العربي السياحي».
المؤتمرون أيضا أكدوا على أهمية الاعلام بكافة وسائله في الترويج السياحي عموما والترويج السياحي العربي البيني خصوصا، وتسليط الضوء على المشاريع والانشطة والفعاليات السياحية العربية وفقا لبرامج وخطط اعلامية عربية مشتركة.»
القطاع السياحي عموما عالميا واقليميا وعربيا كان الاكثر تضررا من جائحة كورونا (كوفيد – 19) وتجاوزت خسائره مئات المليارات من الدولارات، وجميع التوقعات كانت تشير الى حاجة القطاع السياحي لاكثر من أربع سنوات للبدء بالتعافي والعودة الى ارقام ومؤشرات ما قبل جائحة كورونا.
لم تكد اقتصادات العالم تبدأ بمحاولة التقاط انفاسها بعد كورونا حتى «فاجعتها» الحرب الروسية الاوكرانية التي ادخلت العالم بكوارث اقتصادية زادت من معدلات الفقر والبطالة والمجاعة وزادت من أهمية الامن الغذائي وأمن الطاقة وسلاسل التوريد والتضخم وغيرها من القضايا..ورغم كل ذلك الا ان السياحة الاكثر تضررا منذ كورونا أصبحت الاسرع تعافيا وعادت الارقام في كثير من الدول ومنها الاردن الى افضل مما كانت عليه قبل جائحة كورونا..وكذلك الحال في كثير من الدول العربية ودول الاقليم.
القطاع السياحي في كثير من الدول العربية وفي مقدمتها الاردن ومصر وسلطنة عمان ودول الخليج ودول شمال افريقيا العربية، تشكل السياحة فيها أحد اهم محركات الاقتصاد ورافعات معدلات التنمية والمولدة لكثير من فرص العمل..لكن المشكلة تكمن-رغم التحسن الكبير- في عدم الاستغلال الامثل للمكنونات والقدرات السياحية العربية، فالعالم العربي متحف طبيعي مفتوح (يروّج نفسه بنفسه) وثري بكل عناوين السياحة الطبيعية والتراثية والثقافية والعلاجية والرياضية والفنية وحتى سياحة المغامرات والاستكشافية وسياحة التأمل والافلام..الخ، فالمنتج السياحي العربي ثري ومتنوع ويملك من أدوات الجذب الكثير، لكنّه بحاجة لترويج وتسويق لم يأخذ حتى الآن البعد الاقليمي العربي التكاملي بترويج تلك المنتجات السياحية بل لا يزال العمل فرديا وعلى مستوى كل دولة فقط، وهذه السياسات وان نجحت في كثير من الدول خصوصا وان معظم الدول العربية تمتلك من الرؤى الاقتصادية والاستراتيجيات والبرامج السياحية متوسطة وبعيدة المدى ما يحقق لها نجاحات هنا او هناك، الا أن المؤكد، قدرة الدول العربية على تحقيق الأفضل ان هي عملت على:
– تنشيط التعاون العربي البيني المشترك (حيث تشير دراسات بأن السياحة العربية البينية في حدود 42 % في حين تصل الى 88 % في اوروبا.
– العمل على خطط تكامل عربي مشترك بدءا من تفعيل وتنشيط اتفاقيات التوأمة الموقعة بين الدول العربية على المستوى الرسمي والقطاع الخاص..ولعلي استذكر هنا «اتفاقية التوأمة» الموقعة بين مدينتي «شرم الشيخ والعقبة «.. والتوجه نحو توقيع اتفاقية توأمة بين شرم الشيخ ايضا و محافظة ظفار.
صور وآفاق التعاون العربي المشترك متعددة، وأذكر هنا ايضا على سبيل المثال لا الحصر العمل أردنيا وسعوديا على افتتاح خط طيران بين مدينتي العلا السعودية والبترا الاردنية.. وكذلك افتتاح خط طيران مباشر بين عمّان في الاردن والجزائر والغاء التأشيرات بين البلدين.. وكلها قرارات تفعّل وتنشّط السياحة العربية البينية.
وكما نجح تعاون (الاردن ومصر والعراق) بخطوات عملية نحو « التكامل الاقتصادي» في مجالات الصناعة والتجارة والطاقة وغيرها، وكما نجح التعاون بين (الاردن والامارات ومصر والبحرين) بخطوات نحو «التكامل الصناعي»، فإن الدول العربية الآسيوية والافريقية قادرة على بلورة مشاريع خطط نحو «التكامل السياحي» من خلال تشجيع السياحة البينية ومن خلال تسويق المنتج السياحي الابرز في كل دولة وتحديدا بين الدول العربية الاقرب فالأقرب جغرافيا.
في كل ما تقدّم ذكره، تبرز أهمية دور الإعلام السياحي العربي بالترويج والتسويق والتشبيك، وهذا ما يقوم به «الاتحاد العربي للاعلام السياحي» الذي يحتفل بمرور 15 عاما على انشائه منذ كان مركزا عربيا للاعلام السياحي مقره القاهرة، حتى احتفل منذ أيام في صلالة بانضمامه لجامعة الدول العربية من باب الاتحادات العربية النوعية المتخصصة، هذا الاتحاد الذي ينضوى تحت مظلته اكثر من 400 اعلامي ومتخصص بالاعلام السياحي من 16 دولة عربية، وينظّم سنويا «اوسكارالسياحة العربية» الجائزة الاهم والاكبر في هذا المجال والتي حاز الاردن على 3 جوائز هذا العام، منها جائزة افضل تحقيق صحفي سياحي عربي 2023، فازت بها جريدة الدستور بدراسة لـ»مركز الدستور للدراسات الاقتصادية» حول «تلفريك عجلون».