أخبار الفوركس والعملات الرقمية

لا تدع التضخم يأكل أموالك

 

د. محمد عبدالستار محمد جرادات – مستشار إقتصادي

من مصلحة الأشخاص متابعة الوضع الإقتصادي العام ومؤشراته الكلية لما له من أثر على الحياة البشرية اليومية بشكل مباشر. فنمو الإقتصاد يقلل معدلات البطالة بخلق فرص عمل جديدة وينعكس بتحسن مستوى دخل الفرد بينما الركود ينعكس سلباً على مستوى معيشة الافراد وزيادة معدلات البطالة. ومن جهة أخرى فإن فترات التضخم تؤدي لتآكل القوة الشرائية وزيادة معدلات الفقر. وهذا كله يدفعنا لمتابعة الوضع الإقتصادي ومعرفة الحالة الإقتصادية السائدة كأولوية لتحسين جودة الحياة.

تقيس معدلات البطالة نسبة من لا يجدون فرصة عمل مقارنة بإجمالي القوة العاملة في السوق، وكذلك تقيس معدلات التضخم نسبة الزيادة في اسعار سلة من السلع والخدمات الرئيسية في السوق. وكلما ارتفع اي من المعدلين (البطالة ، التضخم) كلما دل ذلك على سوء حالة الناس الإقتصادية حتى وإن حقق الإقتصاد معلات نمو مرتفعة خلال تلك الفترة.

مع ما يشهده العالم من تطورات إقتصادية مؤخراً من تباطؤ النمو الإقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع معدلات التضخم الناتج عن إرتفاع سعر الدولار وأسعار الطاقة، لا بد ان نتخذ جميعنا كأفراد ودول خطوات لحماية أموالنا حتى لا ياكلها التضخم ونحافظ على قوتها الشرائية من خلال تخطيطنا الاستباقي ضد التضخم بحيث يستطيع الفرد تأمين قدرته الشرائية على المدى الطويل.

كأفراد علينا اليوم توجيه الإنفاق نحو الأولويات وتقليص النفقات بتغير النمط الاستهلاكي، وسداد اي قروض او إلتزامات مادية، ومقاطعة السلع والمنتجات التي ترتفع أسعارها بشكل غير مبرر، وإلغاء الإشتراكات غير الضرورية وإلغاء عادة تناول الطعام خارج المنزل، وان نبتعد عن السلع الكمالية مثل شراء سيارة جديدة او اجراء الديكورات بالفترة الحالية والتي تفقد قيمتها مع مرور الوقت.

وعلى أصحاب المدخرات البحث عن أدوات إستثمار مثل الإستثمار العقاري وشراء الذهب والفضة وحيازة الأصول والإستثمار في البورصات المنظمة والإبتعاد عن شركات توظيف الاموال المغرية للاشخاص بالعوائد العالية والتي تظهر بقوة في زمن التضخم، ويمكن الإستفادة من إرتفاع أسعار الفائدة المرتفعة ايضاً لصالحك من خلال الودائع المرتبطة لأجل. وبذلك علينا مراقبة الاموال والإستثمارات بانتظام لمكافحة التضخم وعيش حياة أكثر ثراءً.

كدول لديها العديد من الإجراءات للحد من التضخم من خلال التحكم بالسياسات المالية من خلال تقليل حجم السيولة المتاحة في الموازنة وبالتالي خفض الإنفاق الحكومي وكذلك يمكن للحكومة بيع الدين الحكومي للجمهور للحد من النقد المعروض وزيادة الضرائب على السلع الكمالية. وكذلك يمكنها التحكم بالسياسة النقدية من خلال زيادة سعر إعادة الخصم وزيادة نسبة الإحتياطي القانوني للمصارف التجارية والتحكم بسعر صرف العملة.

كما تعمل الحكومات بهذه الاوقات على تقديم مجموعة حوافز ضريبية للحفاظ على النشاط الإقتصادي وتشجيع الإستثمار الأجنبي  وتحفيز الاستثمارات الوطنية وإزالة المعوقات وتحسين بيئة الأعمال لزيادة الإنتاج وخفض التكاليف، والعمل على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعليها دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وحماية الفئات المحتاجة والضعيفة من خلال تخصيص دعم مالي لمواجهة تداعيات إرتفاع الأسعار عالمياً على الفقراء وتعمل أيضاً على السعي لزيادة المخزونات الإستراتيجية للمواد الأساسية وتعمل على تكثيف الرقابة على الاسواق لضبط الأسعار.

تعتبر اليوم سياسة رفع أسعار الفوائد من الأدوات الرئيسية لمعالجة التضخم والتي إستخدمها البنك المركزي الأردني للحفاظ على الإستقرار النقدي وسعر صرف الدينار الاردني من خلال المحافظة على جاذبية الودائع بالدينار الاردني وهذا تفسير الحفاظ على نسب التضخم في حدود معقولة في المملكة الاردنية الهاشمية وكما نعلم ان أردننا مستورد للطاقة وجزء كبير من المواد الغذائية وبالتالي لمواجهة هذا التحدي الكبير والممتد والذي واجهناه خلال السنوات الاخيرة منها الازمة المالية العالمية والربيع العربي والازمة السورية وجائحة كورنا والازمة الروسية الأوكرانية والتي عطلت سلاسل التوريد والإمدادات والاجراءات الاخيرة للهند بوضع قيود على تصدير الأرز الأبيض لحماية سوقها المحلي وروسيا التي إنسحبت من إتفاق ضمان المرور الآمن لصادرات الحبوب الأوكرانية وبالتالي إرتفعت الاسعار على مستوى العالم وكذلك موجة التضخم الأخيرة، لكن لا بد من ادارة هذه الازمات والتعامل معها من خلال سياسات طويلة الاجل تساهم في تعزيز قواعد التنمية المستدامة وتعزيز الإعتماد على الذات مع المحافظة على الإستقرار المالي والنقدي كما جاء في رؤية التحديث الإقتصادي ومحورها الأساسي حول شعار “مستقبل أفضل”.

حفظ الله الاردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى